فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ
عندما يدرك الإنسان أن أصله من النطفة
التي لا تكاد تُرى
يزداد تواضعاً ويتخلص من غروره وتكبره
قال تعالى
يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الَّذِي خَلَقَكَ
فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ * فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ
لو تأملنا التركيب الكيميائي للنطفة أو للبويضة
نلاحظ أنها في معظمها تتألف من الماء
قال تعالى
فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ * خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ
تتسابق مجموعة كبيرة من النطاف نحو البويضة
ولكن واحدة فقط تخترق البويضة
وتشكل خلية واحدة تبدأ بالانقسام وتسمى
النطفة الأمشاج
إن حجم هذه الخلية أقل بكثير من رأس الدبوس
فلا تكاد تُرى أو تُذكر
يقول تعالى
هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ
لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا * إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ
مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا
يحوي رأس النطفة كل المعلومات والبرامج
اللازمة لإنتاج الجنين
في الشريط الوراثي المسمى
DNA
وهو المسؤول عن تحديد نوع المولود ذكراً أم أنثى
وقد أشار القرآن إلى دور النطفة في تحديد جنس الجنين
يقول تعالى
وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى * مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى
تتحول الخلية الملقحة إلى شكل آخر مختلف تماماً هو
العلقة
وهي مجموعة من الخلايا التي تسعى لتتعلَّق ببطانة الرحم
خلال 6-12 يوماً تقريباً وتختار أفضل مكان فيه
قال تعالى
هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ
بعد ذلك يتحول الجنين إلى ما يشبه قطعة اللحم
التي عليها آثار المضغ
ولذلك فقد تحدث القرآن عن هذه المرحلة بقوله تعالى
ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ
وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى
ثم تبدأ الأجهزة المهمة بالتخلُّق
مثل الجهاز العصبي والقلب والدماغ
وتبدأ بعض الملامح بالظهور
ويبدأ القلب ينبض
وتبدأ كثير من الأجهزة مثل الجهاز التنفسي والكليتين والكبد
بالنمو السريع
ويبدأ تشكل العظام
وذلك خلال الأسبوع السادس حتى الثامن
يقول تعالى
فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا
ثم تبدأ مرحلة اللحم
حيث تُكسى العظام بالعضلات
وفي بداية الأسبوع الثامن تبدأ العضلات بالحركة
كما يبدأ تشكل طبقات الجلد الذي يغلف الجسم
يقول تعالى
وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا
أما المشيمة فتعمل على العناية بالجنين
بشكل أفضل من أي غرفة عناية مركزة
فسبحان الله
ثم يأخذ الجنين ملامحه النهائية
فتظهر الأطراف والعيون والأذنين وبقية أعضاء الجسد
وتبدأ الحركة ويبدأ النشاط الكهربائي للقلب
وتصبح العمليات بعد ذلك عبارة عن نمو هذه الأجزاء
واكتمال خلقها
وتستمر هذه المرحلة لنهاية الحمل
يقول تعالى
ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آَخَرَ
ولنسأل أنفسنا أخي في الله
كيف يمكن لخلية واحدة أن تتطور بهذا الشكل العجيب
لتُنتج مخلوقاً شديد التعقيد هو الإنسان ؟
من الذي يُخبر هذه الخلايا بما يجب عليها القيام به ؟
من الذي يُنسِّق عملها فلا يحدث أي خطأ ؟
من الذي يهدي هذا الجنين في رحلته نحو الحياة ؟
بلا شك
إنه الله
سبحانه وتعالى القائل
الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى